ويرقد الشاب الذي حاول الانتحار حرقا، في أحد مستشفيات أربيل، وحالته الصحية حرجة جدا، كون نسبة الحروق في جسده بلغت 90 في المئة، بعدما سكب البنزين على نفسه مضرما النار فيها، على مرأى عدد كبير من مراسلي ومندوبي وسائل الإعلام وعدساتهم، بسبب معاناته من سوء الأوضاع المعيشية وعدم الاستجابة لطلبه اللجوء في إحدى الأوروبية.

وانتشرت مقاطع الفيديو على مختلف منصات وسائل التواصل الاجتماعي، التي تظهر الشاب وهو يحمل عبوة مليئة بالبنزين، قبل أن يقوم بصبه على جسده ويشعل النار، بينما كان يتحدث للصحفيين.



وفور إقدامه على إضرام النار في جسده، بادر بالجري وسارع صديق له لمحاولة إنقاذه وإطفاء النار، لكنها سرعان ما نالت منه مسببة حروقا شديدة وعميقة، ليقوم بعدها موظفون في مقر الأمم المتحدة بإسعافه ونقله للمستشفى.

وكان الشاب بهزاد محمودي، ويعرف باسم محمد، والبالغ من العمر 27 سنة، يقول قبيل إحراقه نفسه: "بسبب النضال في سبيل كوردستان أصبحت لاجئا".

وأضاف: "هذا هو حالنا، هل من العدل أن نعيش هكذا بسبب السياسة؟ هل هذه حياة؟ نعيش ككلاب مشردة منذ 4 سنوات، إذا رجعت إلى إيران سيتم إعدامي، وهنا لم يبق لنا مكان غير الحدائق العامة والمساجد والمنازل المهجورة والآيلة للسقوط".

وبحسب روايات لأصدقاء الشاب، فإن محمودي المتحدر من مدينة بوكان في كوردستان إيران، يقيم في أربيل منذ أكثر من 4 سنوات، وكان قد تقدم بطلب لجوء للأمم المتحدة، لكن دون جدوى.

وأكثر ما أثار غضب الرأي العام في كردستان، في مشهد محاولة الانتحار الأليم، هو وقوف الصحفيين والمصورين دون حراك، بل وتصويرهم الشاب وهو يحرق نفسه دون تدخل منهم أو محاولة منعه.

وأدانت نقابة صحفيي كوردستان، عبر بيان، سلوك الصحفيين الحاضرين في التعامل مع الموقف أمامهم.

وتقول النقابة في بيانها: "من المؤسف تصرف أولئك الصحفيين والفضائيات، التي تواجدت في مكان الحادثة بعدم مسؤولية، هم انشغلوا بتغطية الحدث، اهتموا بنقل حادث حرق الشاب لنفسه عوضا عن لجمه ومنعه من إضرام النار بجسده، وذلك كان سيجسد مهنيتهم وإنسانيتهم وأخلاقهم، كان بإمكانهم فعل ذلك".

وأضافت: "هذه الواقعة تثبت أن وسائل الإعلام لدينا تهتم فقط بالخبر، وليس مضمون الخبر وتداعياته، وإلا فقد كان واجبا على الصحفيين المتواجدين، إلقاء سماعاتهم وكاميراتهم أرضا والركض نحو الشاب لنجدته بدلا من الاكتفاء بالمشاهدة ومراقبة الأمر بسلبية".

وتعيد مثل هذه الحادثة المأساوية، طرح قضية معاناة اللاجئين حول العالم، ممن يتقدمون بطلبات لدى المفوضية العليا لشؤون اللاجئين في الأمم المتحدة، لضمان حصولهم على حق اللجوء والإقامة في دول آمنة لهم لكن دون جدوى، حيث يضطر الكثيرون منهم للانتظار سنوات طوال دون البت في طلباتهم وتسوية أوضاعهم.

ويقول الناشط المدني الكوردي الإيراني هوزان شريف، في حوار مع موقع "سكاي نيوز عربية": "حالة هذا الشاب - الضحية هي تعبير عن حالة آلاف بل وملايين الشباب في كوردستان إيران، وفي عموم إيران ممن يضطرون للفرار من جحيم الحياة المذلة داخل وطنهم، حيث تفشي القمع والفقر والبطالة وانعدام الحريات، في واقع رهيب وطارد يقتل أحلام الشباب".

ويتابع: "في حالة الشباب الكورد ثمة علاوة على كل ذلك، وهو الاضطهاد القومي أيضا من قبل السلطات الإيرانية".

ويضيف: "مع الأسف فحتى عندما يفر غالبية هؤلاء الشباب نحو الخارج، هربا من جحيم الملالي وإرهابه ونظامه الظالم والظلامي، فإنهم في كثير من الأحيان يلاقون المذلة والمشقة والضياع، وإلا فكيف لشاب في أواخر العشرينيات من عمره، أي في ريعان شبابه، الإقدام على حرق نفسه!، مما يعني أن الآفاق قد انسدت تماما في وجهه".

ويعاني نحو 15 مليون كوردي في إيران، من انعدام أبسط حقوقهم القومية والديمقراطية، وتطبق السلطات سياسات تمييز قومي ممنهج ضدهم، وتمارس سياسات القمع والإرهاب بحقهم.


المصدر : سكاي نيوز عربية