ريف حمص الشمالي “خارج التغطية”


بعد أشهر من سيطرة قوات الأسد على بلدات ريف حمص، باتت المنطقة تفتقر إلى خدمة الإنترنت التي قطعت السكان عن العالم الخارجي، بعد سحب قوات الأمن الشبكات الفضائية التركية التي غطت المنطقة خلال السنوات الماضية.

ورغم إعطاء الوعود الرسمية من الضابط المسؤول عن المنطقة للأهالي باستخدام الإنترنت الفضائي التركي لحين استبداله بالشبكات السورية المحلية، قامت الأجهزة الأمنية بشكل مفاجئ بمصادرة تلك الشبكات التركية واعتقال أصحابها وتغريمهم.

سحب أجهزة البث التركية من الأمن العسكري قبل أسبوعين، وعدم تركيب شركتي “سيرتيل” و”MTN” المحليتين لأبراج في المنطقة، جعل الأهالي في انقطاع عن العالم الخارجي.

وكانت قوات الأسد أعلنت السيطرة الكاملة على ريفي حمص الشمالي وحماة الجنوبي، في 16 من أيار الماضي، بعد خروج آخر دفعة من مقاتلي المنطقة إلى إدلب، بموجب اتفاق تسوية فرضته روسيا.

وقضى الاتفاق الخاص بريف حمص الشمالي بتعزيز الأمن والاستقرار في مدن وبلدات المنطقة.

مصادرة دون حلول

وخلال معارك السنوات السابقة وخاصة بسبب القصف الذي كان يشنه الطيران السوري، دمرت البنية التحتية في المنطقة بما فيها شبكات الاتصالات والأبراج الخاصة بها، في محاولات لقطع المناطق عن العالم الخارجي، ما دفع السكان للاستعاضة عنها بشبكات فضائية تركية، عوضتهم عن الشبكات المحلية وبأسعار وجودة عاليتين.

محمد صاحب خط إنترنت في المنطقة، قال لعنب بلدي، “بعد سيطرة النظام على المنطقة استمررنا في تقديم الخدمة للمنطقة بعد موافقة قوى الأمن على ذلك، ريثما يتم تركيب الأبراج المحلية وإخبارنا لفك الشبكة التركية، لكنهم غدروا بنا وداهموا محلاتنا وصادروا كل الأجهزة حتى الشخصية، واعتقلونا لمدة ثلاث ساعات وأطلقوا سراحنا بعد دفع مبالغ مالية تجاوزت 100 ألف ليرة”.

اللافت أن المفارز الأمنية في المنطقة كانت تستعمل الشبكات التركية، عبر تركيب لواقط لجلب إشارة الإنترنت من الأجهزة المحيطة، وهذا يوضح افتقار المنطقة للخدمات الأساسية وخاصة شركات الاتصالات، بحسب محمد.

ويصف الشاب محمد المطلع على سير العمليات الخدمية في المنطقة، أن عجز شركات الاتصالات السورية عن تركيب الأبراج بشكل سريع في البلدات، اضطر قوات الأمن السماح باستخدام الشبكات التركية خلال الأشهر الخمسة الماضية.

“ومع ذلك صادرت دوريات الأمن العسكري جميع الأجهزة التركية الموجودة والتي يبلغ سعرها نحو ثمانية آلاف دولار”، حسب قول محمد.

الشركات وراء سوء الخدمات

ومع التقصير من شركة الاتصالات السورية بتخديم المنطقة وسوء خدماتها، فإن نظام توزيع الأبراج في البلدات كان سببًا في غياب الشبكة عن الكثير من السكان.

أحد مهندسي الاتصالات في المنطقة (تحفظ على ذكر اسمه لأسباب أمنية)، قال لعنب بلدي، “غيرت شركة الاتصالات نظام توزيع الأبراج بناءً على المحسوبيات والوساطات والرشوة، بتوقيعها عقودًا مع مقربين ومتنفذين في الدولة لتركيب الأبراج ضمن منشآتهم وعقاراتهم”.

ويأتي دخول المحسوبيات والرشوة بهدف الحصول على قيمة العقود الموقعة مع أصحاب العقارات، والتي تصل إلى أربعة ملايين ليرة في العام الواحد، وهو أمر أكده المهندس، وأشار إلى ميزات أخرى يحصل عليها أصحاب العقود كالإنترنت المجاني وغيرها.

وكانت شركة الاتصالات في ريف حمص الشمالي وقعت قبل أسبوع عقودًا لتركيب أبراج التغطية الخاصة بها في المنطقة، لكن المهندسين لم يراعوا تحديد الأماكن الأفضل لتركيبها وفقًا للمعايير اللازمة لذلك.

من جهة أخرى، أثر غياب الشبكات الفضائية التركية بفارق الجودة والأسعار مقارنة مع الشبكات السورية، إذ يصل سعر باقة الإنترنت التركية بحجم 1 جيجا بايت 200 ليرة، بينما يبلغ سعر الباقة ذاتها من الإنترنت السوري نحو ألفي ليرة، علاوة على فارق الجودة والرقابة التي تفرضها الأجهزة الأمنية على الخدمة.

ومنذ مطلع الاحتجاجات في 2011، أمسك النظام بالاتصالات بمختلف أنواعها في جميع المدن والأحياء والبلدات والقرى التي شهدت تحركًا مناهضًا.

واعتمد سياسة حجب المواطنين عن العالم المحيط، ما سهّل عليه التحرك، ومنح قواته مساحات أكبر في التصدي للمحتجين، لكن مع خروج مناطق عن سيطرته اتجه السكان فيها إلى بدائل أخرى بينها الإنترنت الفضائي وشبكات أخرى سواء من تركيا أو كوردستان أو الأردن.

المصدر : عنب بلدي 

ليست هناك تعليقات