إدلب تترقب الحرب بعد اجتماع آلاف المسلحين المتشددين فيها
انتهت عمليات الجيش التركي لاستعادة السيطرة على جنوب البلاد عملياً،
والمنطقة الوحيدة التي لا تزال خاضعة لسيطرة ملشيات المعارضة العربية السنية
هي محافظة إدلب شمال غرب سوريا، ويرى المطلعون وأبناء المنطقة أن السؤال
الآن ليس هل سيهاجم النظام وحلفاؤه هذه المنطقة أم لا؟ بل بات السؤال: متى
سيبدأ هذا الهجوم؟ وتتساءل الاجتماعات السياسية عن الطريقة التي يمكن أن
تمنع هذا الهجوم؟
تفيد إحصائيات الأمم المتحدة بأن هناك ما بين 2.5 و3.3 مليون شخص يعيشون في محافظة إدلب، وأن 1.2 مليون شخص من هؤلاء نازحون من محافظات أخرى، ويمثلون 25% من مجموع النازحين في سوريا.
وبما أن إدلب هي المعقل الأخير للمعارضة العربية السنية في سوريا ويوجد فيها سبعون ألفاً من عناصرها المسلحة، يتوقع للمعركة في هذه المدينة، بين الجيش السوري والمعارضة، أن تكون معركة عنيفة وأن يكون أول ضحاياها المدنيون الذين لاذوا بإدلب كملجأ وحيد تبقى لديهم.
المناطق الآمنة فرصة للأسد
قبل عام من الآن كانت هناك خمس مناطق آمنة في سوريا (هي: إدلب، القنيطرة، درعا، الغوطة الشرقية وحمص) سميت بهذا الاسم في إطار اتفاق بين أمريكا وروسيا، ولم يبق منها غير إدلب خارج سلطة الأسد.
يعتقد الباحث في الشؤون السورية والجماعات المتطرفة بمعهد دراسات الشرق الأوسط في واشنطن، تشارلز ليستر، أن "أغلب الدول التي لها مصالح في سوريا رأت أن هذه الآلية (إقامة المناطق الآمنة) كانت خطوة نحو التهدئة والاستقرار"، أي الحفاظ على الوضع هادئاً لحين العثور على حل سياسي والتوصل إلى اتفاق، بدون أن تضطر الدول الغربية لتخصيص رأسمالها السياسي والبشري والعسكري والمالي للحرب.
لكن تجربة السنة الأخيرة أظهرت حقيقة أن النظام السوري استغل المناطق الآمنة كفرصة لإعادة تنظيم أموره ووضع خطة لاستعادة السيطرة على تلك المناطق، في حين كانت المساعدات الإنسانية لتلك المناطق محدودة ولم يكن لدى القوى الدولية آلية لحماية اتفاق المناطق الآمنة، لأن كل خطوة لمواجهة حملات النظام كان يتوقع أن تجابه برد فعل روسي.
إدلب هي المنطقة الوحيدة المتبقية تحت سيطرة المعارضة العربية السنية وتزحف نحوها قوات النظام من ثلاث جهات، من جهة قرى اللاذقية والمناطق القريبة من أبو الزهور ومحافظة حماة. وقد أبلغ أحد قياديي أحرار الشام ليستر: "لاحظنا تحركات قوات النظام والمليشيات الإيرانية مؤخراً، وقد أبلغتنا قواتنا المرابطة على حدود المحافظة بأن قوات النظام تضاعفت أعدادها في حلب واللاذقية، وهي معززة بالمدفعية والأسلحة الثقيلة".
القوتان الرئيستان في المنطقة
تؤوي إدلب الآن عشرات الجماعات المسلحة من معتدلة وموالية للإخوان المسلمين إلى السلفيين الجهاديين، وحتى جماعات مقربة من تنظيم القاعدة، ومن بين القوى التي ثبتت أقدامها في إدلب في السنة الأخيرة، هيئة تحرير الشام التي كانت تعرف سابقاً بجبهة النصرة وتعتبر الفرع السوري للقاعدة، وقد يؤدي سقوط إدلب إلى انتشار آلاف المسلحين المتطرفين في أنحاء المنطقة.
تعود قوة هيئة تحرير الشام، في إدلب، في جزء منها إلى الهجمات العسكرية التي شنتها على الملشيات المعارضة الأخرى، وإلى اتخاذها خطوات سياسية وإدارية لبناء جسور بينها وبين سكان المحافظة ودول المنطقة، وأخبر اثنان من قياديي الهيئة ليستر بأن دولتين في الشرق الأوسط لهما علاقات سياسية نشطة مع الهيئة، وتفكر دول أوروبية في إقامة علاقات رسمية معها ومع مؤسساتها الإدارية، وجميع هذه العلاقات تشكلت من خلال حكومة الإنقاذ، الجناح السياسي للهيئة.
دفعت هيئة تحرير الشام ضريبة قاسية لبناء سلطتها الحالية في شمال غرب سوريا، فالمعارك والصدامات خربت العلاقة بينها وبين قسم كبير من المعارضة، وخاصة تلك المرتبطة بتركيا وقطر. كما انهارت علاقاتها مع الأجنحة العالمية لتنظيم القاعدة ولم تعد تستطيع الاعتماد على مساعدات التنظيم، ويرى ليستر أن هجوماً شاملاً لقوات الأسد على إدلب يمكن أن يقرب أغلب القوى من الهيئة، لأن الثورة وقوات المعارضة كلها ستواجه خطر الزوال.
القوة الأخرى المتواجدة في إدلب هي تركيا وهي الأقوى في مجال تحديد مصير هذه المنطقة. خلال الأشهر السبعة الأخيرة، أنشأت تركيا 12 قاعدة عسكرية في المحافظة، وتفيد التقارير أن الهيئة قدمت الكثير من المساعدة للقوات التركية رغم أن قرار زعيم التنظيم، أبو محمد الجولاني، مساعدة تركيا يلقى الرفض داخل الهيئة.
وكانت تركيا قد أعلنت أن إدلب خط أحمر، فإن السؤال الرئيس هو: ماذا ستفعل تركيا لتدافع عن هذا الخط الأحمر؟ ولا يستبعد ليستر أن "تكون تركيا مستعدة لمجازفة كبيرة بالتصدي لحملات النظام، وروسيا تعرف هذا جيداً".
حذر الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، الشهر الماضي، من أنه في حال تجاوز الخط الأحمر التركي فإن بلده سينسحب من اتفاقية أستانة مع روسيا وإيران، ومن جهتهم أخبر مسلحو المعارضة ليستر بأن الحكومة التركية وعدت بتزويدهم بأسلحة مضادة للصواريخ والطائرات، ويرى الباحث الأمريكي أن الهدف من نشر تلك الشائعات هو تحذير روسيا وقواتها الجوية من الهجوم على إدلب.
تركيا هي الجارة الأجنبية الوحيدة لمحافظة إدلب وقد استقبلت خلال سبع سنوات أكثر من 3.5 مليون لاجئ سوري، لكنها أغلقت حدودها ولم تعد مستعدة لاستقبال المزيد منهم.
تضم محافظة إدلب أكثر من 10% من سكان سوريا وتشغل 4% من مساحة الأراضي السورية، والجزء الأكبر من المحافظة عبارة عن مناطق ريفية وزراعية.
المصدر : شبكة روداو الأعلامية
تفيد إحصائيات الأمم المتحدة بأن هناك ما بين 2.5 و3.3 مليون شخص يعيشون في محافظة إدلب، وأن 1.2 مليون شخص من هؤلاء نازحون من محافظات أخرى، ويمثلون 25% من مجموع النازحين في سوريا.
وبما أن إدلب هي المعقل الأخير للمعارضة العربية السنية في سوريا ويوجد فيها سبعون ألفاً من عناصرها المسلحة، يتوقع للمعركة في هذه المدينة، بين الجيش السوري والمعارضة، أن تكون معركة عنيفة وأن يكون أول ضحاياها المدنيون الذين لاذوا بإدلب كملجأ وحيد تبقى لديهم.
المناطق الآمنة فرصة للأسد
قبل عام من الآن كانت هناك خمس مناطق آمنة في سوريا (هي: إدلب، القنيطرة، درعا، الغوطة الشرقية وحمص) سميت بهذا الاسم في إطار اتفاق بين أمريكا وروسيا، ولم يبق منها غير إدلب خارج سلطة الأسد.
يعتقد الباحث في الشؤون السورية والجماعات المتطرفة بمعهد دراسات الشرق الأوسط في واشنطن، تشارلز ليستر، أن "أغلب الدول التي لها مصالح في سوريا رأت أن هذه الآلية (إقامة المناطق الآمنة) كانت خطوة نحو التهدئة والاستقرار"، أي الحفاظ على الوضع هادئاً لحين العثور على حل سياسي والتوصل إلى اتفاق، بدون أن تضطر الدول الغربية لتخصيص رأسمالها السياسي والبشري والعسكري والمالي للحرب.
لكن تجربة السنة الأخيرة أظهرت حقيقة أن النظام السوري استغل المناطق الآمنة كفرصة لإعادة تنظيم أموره ووضع خطة لاستعادة السيطرة على تلك المناطق، في حين كانت المساعدات الإنسانية لتلك المناطق محدودة ولم يكن لدى القوى الدولية آلية لحماية اتفاق المناطق الآمنة، لأن كل خطوة لمواجهة حملات النظام كان يتوقع أن تجابه برد فعل روسي.
إدلب هي المنطقة الوحيدة المتبقية تحت سيطرة المعارضة العربية السنية وتزحف نحوها قوات النظام من ثلاث جهات، من جهة قرى اللاذقية والمناطق القريبة من أبو الزهور ومحافظة حماة. وقد أبلغ أحد قياديي أحرار الشام ليستر: "لاحظنا تحركات قوات النظام والمليشيات الإيرانية مؤخراً، وقد أبلغتنا قواتنا المرابطة على حدود المحافظة بأن قوات النظام تضاعفت أعدادها في حلب واللاذقية، وهي معززة بالمدفعية والأسلحة الثقيلة".
القوتان الرئيستان في المنطقة
تؤوي إدلب الآن عشرات الجماعات المسلحة من معتدلة وموالية للإخوان المسلمين إلى السلفيين الجهاديين، وحتى جماعات مقربة من تنظيم القاعدة، ومن بين القوى التي ثبتت أقدامها في إدلب في السنة الأخيرة، هيئة تحرير الشام التي كانت تعرف سابقاً بجبهة النصرة وتعتبر الفرع السوري للقاعدة، وقد يؤدي سقوط إدلب إلى انتشار آلاف المسلحين المتطرفين في أنحاء المنطقة.
تعود قوة هيئة تحرير الشام، في إدلب، في جزء منها إلى الهجمات العسكرية التي شنتها على الملشيات المعارضة الأخرى، وإلى اتخاذها خطوات سياسية وإدارية لبناء جسور بينها وبين سكان المحافظة ودول المنطقة، وأخبر اثنان من قياديي الهيئة ليستر بأن دولتين في الشرق الأوسط لهما علاقات سياسية نشطة مع الهيئة، وتفكر دول أوروبية في إقامة علاقات رسمية معها ومع مؤسساتها الإدارية، وجميع هذه العلاقات تشكلت من خلال حكومة الإنقاذ، الجناح السياسي للهيئة.
دفعت هيئة تحرير الشام ضريبة قاسية لبناء سلطتها الحالية في شمال غرب سوريا، فالمعارك والصدامات خربت العلاقة بينها وبين قسم كبير من المعارضة، وخاصة تلك المرتبطة بتركيا وقطر. كما انهارت علاقاتها مع الأجنحة العالمية لتنظيم القاعدة ولم تعد تستطيع الاعتماد على مساعدات التنظيم، ويرى ليستر أن هجوماً شاملاً لقوات الأسد على إدلب يمكن أن يقرب أغلب القوى من الهيئة، لأن الثورة وقوات المعارضة كلها ستواجه خطر الزوال.
القوة الأخرى المتواجدة في إدلب هي تركيا وهي الأقوى في مجال تحديد مصير هذه المنطقة. خلال الأشهر السبعة الأخيرة، أنشأت تركيا 12 قاعدة عسكرية في المحافظة، وتفيد التقارير أن الهيئة قدمت الكثير من المساعدة للقوات التركية رغم أن قرار زعيم التنظيم، أبو محمد الجولاني، مساعدة تركيا يلقى الرفض داخل الهيئة.
وكانت تركيا قد أعلنت أن إدلب خط أحمر، فإن السؤال الرئيس هو: ماذا ستفعل تركيا لتدافع عن هذا الخط الأحمر؟ ولا يستبعد ليستر أن "تكون تركيا مستعدة لمجازفة كبيرة بالتصدي لحملات النظام، وروسيا تعرف هذا جيداً".
حذر الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، الشهر الماضي، من أنه في حال تجاوز الخط الأحمر التركي فإن بلده سينسحب من اتفاقية أستانة مع روسيا وإيران، ومن جهتهم أخبر مسلحو المعارضة ليستر بأن الحكومة التركية وعدت بتزويدهم بأسلحة مضادة للصواريخ والطائرات، ويرى الباحث الأمريكي أن الهدف من نشر تلك الشائعات هو تحذير روسيا وقواتها الجوية من الهجوم على إدلب.
تركيا هي الجارة الأجنبية الوحيدة لمحافظة إدلب وقد استقبلت خلال سبع سنوات أكثر من 3.5 مليون لاجئ سوري، لكنها أغلقت حدودها ولم تعد مستعدة لاستقبال المزيد منهم.
تضم محافظة إدلب أكثر من 10% من سكان سوريا وتشغل 4% من مساحة الأراضي السورية، والجزء الأكبر من المحافظة عبارة عن مناطق ريفية وزراعية.
المصدر : شبكة روداو الأعلامية
أضف تعليق